کد مطلب:163901 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:235

الارادة البشریة تتحدی
ولو وقفنا ساعات أمام بطولة الحر بن یزید الریاحی، لما استطعنا أن نستوعبها، انه درس عظیم أن یتحدی الانسان واقعه وكل ما حوله من ضغوط ویختار الموت بشجاعة ویختار الجنة بوعی وایمان كما فعل الحر بن یزید الریاحی.. فكم كان عظیماً ما فعل الحر، حقاً: كلما كتب من نظریات مادیة وحتمیات قدریة فاسدة، كل ما كتب عن ذلك تتبخر بقصة الحر بن یزید الریاحی.

أی حتمیة كانت وراء توبة الحرّ؟!

بتأثیر ماذا غیر الحر مساره؟!

من أجل الاقتصاد، أم من أجل الإجتماع، أم من أجل السیاسة؟ أم من أجل ماذا؟

لاشیء ان الارادة البشریة هی التی تتحدی كل المادیات وكل الحتمیات، وهی التی تجلت عند الحر بن یزید الریاحی فی صحراء كربلاء. واذا كانت هناك بطولة حقیقیة فهی هذه البطولة، البطل كل البطل هو الذی یصرع نفسه فی ساعات الشدة وأشجع الناس من غلب هواه، وكم نستطیع أن نصلح أنفسنا ونصلح مجتمعنا، اذا استلهمنا درس التوبة من الحر، فان لم تكن لدینا ارادة تعصمنا من الوقوع فی المعاصی فلا أقل تكون لدینا شجاعة تخرجنا مما وقعنا فیه وهذا درس الحر بن یزید الریاحی لنا.

یأتی الی الامام الحسین(ع) مطأطأ الرأس فیقول الامام الحسین (ع) للحر: (یاشیخ ارفع رأسك من أنت؟ فیقول: أنا حر.. أنا الذی جعجت بك الطریق یا أبا عبد الله، لقد كنت أول خارج علیك فأذن لی أن أكون أول شهید بین یدیك.. فیسمح له الامام الحسین علیه الصلاة والسلام، بذلك فیأتی الی صحراء كربلاء یقاتلهم، بعد ما یعظهم فلا تنفعهم الموعظة شیئاً، وحینما یصرع ینادی بالامام الحسین (ع) فیأتیه الامام كالصقر.

یقول الامام:

«ما أخطأت أمك إذ سمتك حراً.. أنت حر فی الدنیا وسعید فی الأخرة».

یقول بعض المؤرخین أنه فی اللحظات الاخیرة وكان یرمق آخر أنفاس الحیاة، فتح عینیه الكریمتین فرأی رأسه فی حضن الامام الحسین (ع) فتبسم بسمة وسلم الروح.

كم هی سعادة الانسان، وكم هو فلاحه، وكم یكون فرحه وشعوره بالفخر اذا وصل الی لحظته الاخیرة وهو یعلم بأنه قد أنهی فتنة الحیاة وانتصر علیها، ونجح فی الامتحان وهو یرد علی رب رحیم، غفور كریم.

ان الذین یستلهمون من بطولات وشجاعة الامام الحسین من وفاء أبی الفضل.. من اقدام علی الاكبر.. من شجاعة زینب.. من أیمان الصدیقین من أنصار الامام الحسین علیهم الصلاة والسلام دروساً لحیاتهم تكون ذخراً له فی الدنیا لمحاربة الطغاة ولمقاومة الفساد، وذخراً لهم فی الآخرة ینفعهم عندما لا ینفع مال ولا بنون إلا من أتی الله بقلب سلیم.